الثلاثاء، 14 أبريل 2009

مقال الفوز بجائزة نوبل لحشو الأدمغة



الفوز بجائزة نوبل لحشو الأدمغة

لو أردنا التطوير ومعانقة سماء التقدم.. يجب تصديق القائمين على تطوير التعليم!! .. حتى نسلح أولادنا بمهارات المنافسة داخل سوق العمل ، يتحتم الثقة والبحث عن المزايا الخفية المقصودة من تطوير التعليم !! .. فالفاهمين والمدركين يقروا ويبصموا بعظمة الجميل الذي يقدمها المسئولين للأسرة والمجتمع ، فهم يقضون ليلهم ويواصلونه بالنهار للخروج إلينا بمخططات " جهنمية " من الصعب أن تخطر على بال أعتى خبراء الغرب وأمريكا مجتمعين ؟

فكفانا حنق وقفز وراء الخبثاء ، ممن لا يدركون أو تتوفر لديهم حقائق علم التنجيم ، ويصعب عليهم تفهم الغايات الخفية من وراء تطوير التعليم ، التي أعادت للأسرة دفئها وأدت إلى خلق ظواهر أسرية كانوا قد تناسوها في زحمة الحياة .. والأيام القادمة المصاحبة لموسم الامتحانات ، تدحض كافة تأويلاتهم واتهاماتهم الخبيثة ضد جهود تطوير التعليم .. فسوف تتضح للعيان خلال الأيام القادمة عدد من الفوائد أهمها :-

1- تماشى أهداف التعليم مع المشروع القومي الخاص بإعداد علماء وخبراء المستقبل للفوز بجائزة نوبل " لحشو الأدمغة بالمعلومات الطائرة الشاردة " ، هذا النجاح دلل عليه أحد أولياء بقيامه بتوصيل أدمغة أبناءه الطلبة بجهاز كمبيوتر ، فكانوا أسرع منه في الحفظ ، وعند المسح ومحو المعلومات كانوا أسبق منه.

2- خوفا من فقد الهوية والبعد عن الأصالة ، تبتعد المناهج قدر الإمكان عن مجريات وتقنيات السوق المستحدثة التي يمكن أن تفقدنا أصالتنا .

3- غلق الباب أمام دخول الأرواح الشريرة إلى الأبنية والمعامل التعليمية ، فيتم إغلاقها ومنع تجهيزيها وتحديثها ، لضمان عدم إصابة أدمغة الطلاب بآفة الإبداع والتفكير.

4- نفخ الروح الاجتماعية داخل الأسر ، بعد فقدها " اللمة " لدرجة وصلت بهم بالنوم جميعا فوق الطبلية أو الطرابيزة التي يذاكرونا عليها .

5- ارتفاع معدل المودة والحميمية بين أبناء الوطن ، بعد تحول قضية تطوير العملية التعليمية إلى محور أحاديث ركاب الأتوبيسات والميكروباص ، وصلت بالأشخاص بأن يكلمون أنفسهم أثناء هرولتهم في الشوارع .

كل ذلك يدفعنا لتحنيط التماثيل وذبح القرابين لمطوري التعليم وأهلا بجائزة نوبل ..

أحمد خيري

الثلاثاء، 7 أبريل 2009

مقالي في جريدة اليوم السابع

احمد خيرى

المرأة وحب الذهب والزمرد .. أحمدك يا رب

الأثنين، 6 أبريل 2009 - 17:25

Bookmark and Share

النوم واليأس والعكننة والتثاؤب حتى درجة الشخير، دوامة أطاحت برؤوس تجار مصر، ودفعت باعة المحلات إلى الغلط فى "زوج" و"أم" الأزمة الاقتصادية.

ولكن هناك محلات فلتت من فخها، مثل الذهب والزمرد والأحذية الحريمى وكوافيرات الشعر التى تعمل ليل نهار، لأن زبائنها الأساسين من النساء ممن لديهن نهم وتعطش لا ينضب وقرون استشعار ضد الأزمات الاقتصادية، طالما وجد مبدأ "تأمين الذات قبل فوات الأوان"، ولكن للإنصاف تختلف كل امرأة عن الأخرى فى حجم ونوعية الاحتياج، حسب النوع الذى تنتمى إليه.

العلماء والخبراء "ذو النفوس الضعيفة" ممن يحملون الضغينة لحواء، قسموا المرأة إلى 6 أنواع لا سابع لها، وحثوا الرجل على حتمية اكتشاف من يريد الارتباط بها قبل "الغرق" فى بحور زواجها.

الأولى وصفوها بأنها "امرأة باردة" تميل إلى اقتناء الزمرد والياقوت، استناداً إلى مبدأ إحساسها بالتفوق على الرجل، وأن جمالها كفيل بإدارة رؤوسهم ودفعهم للسعى نحوها بالمودة والهدايا من العيار الثقيل.

أما الثانية فهى "المرأة العنيفة"، تتميز بأنها جبل من الصخر، تعشق التبديل والتقلب والتغيير والسعى نحو الجديد، دائما ما تتطلع إلى المستقبل بخوف وريبة، وتدرك أن الهرولة نحو كافة المحلات كفيل بتأمين مستقبلها من غدر الرجال.

أما النوع الثالث للمرأة، فأطلق عليه الخبثاء "المرأة النارية"، تعيش حياتها فى خيال ثائر بعيداً عن الواقع، عنيدة غير مثالية، دائما ما يراودها حلم متفرد، بأنها تقف فى منتصف شارع طويل تخترق جنباته أنوار براقة، وعلى جانبيه ترتص محلات الزمرد، وتحت قدميها مباشرة ينحنى العريس "المأسوف على عمره"، ينثر حبيبات الزبرجد واللؤلؤ، ويقول "أحمدك يا رب".

فيما أطلقوا على النوع الرابع اسم "المرأة المفكرة"، وميزوها بأنها تقضى حياتها منذ نعومة أظافرها الطويلة، تحلل وتمحص الهدايا التى يجب اقتنائها، لا تتأثر بدموع الرجل أو مبرراته حتى لو أخرج لها "سيالة" الجلباب الخاوية.

أما النوع الخامس فهى "المرأة العاطفية" تتحسس الحياة بقلب نابض وحنان جارف، ودائما ما تسعى لدفع رجلها للنجاح والتفوق، خاصة فى جلب المال لتأمين مستقبلها.

أما الأخير فيقصد بها "المرأة العادية" التى تتميز بالاعتدال والاتزان فى اتجاهاتها العاطفية وأسلوب تفكيرها، مما يجعلها تفضل القفز ناحية محلات الذهب اقتناعاً منها بأنه الحل الصحيح، لأن خامة الذهب أرخص من الزمرد، ويتيح لها سمسرة جزء من النفقات والمدخرات، للذهاب بها إلى محلات الأحذية والكوفيرات. وهناك نوع لا يعرفه العلماء يكاد ينقرض هذه الأيام، وأصبح عملة نادرة "المرأة المضحية" التى تضيع حياتها فى دعم الأسرة والأخذ بيدها، وهذا النوع يحتاج إلى اقتناء أدوات الغوص للبحث عنها فى قيعان المحيطات.

الاثنين، 30 مارس 2009

مقالي في جريدة اليوم السابع

حمد خيرى

لعنة الله على حياتنا الثقافية المعاصرة

الثلاثاء، 24 مارس 2009 - 13:13

Bookmark and Share

ترزح حياتنا الثقافية المعاصرة بين أنياب الانقسامات، يطفح على سطحها الفرق والتيارات والشلل ممزقة الأهداف والمضمون، كل يتفنن فى تشييد الأسوار وإقامة الحواجز الشائكة، واهماً بأنه "الزعيم" الذى يقطن حياة منعزلة داخل جزر منفصلة، اغتالوا مبدأ "الاختلاف فى الرأى لا يفسد للود قضية"، وتبارى كل منهم يقسم "بأغلظ الأيمان" وبرأس والده بأنه الأصح، والفئات الأخرى ضالة وموصومة بالجهل ومختوم على جبينهم مصير الجحيم فى الحياة الدنيا والآخرة.

لعنة الله على حياتنا الثقافية المعاصرة، حول الانقسام حياتنا الثقافية إلى دراما عبثية لا معقولة، لا يدرك فيها أحد وجود الآخر، حولوا حياتنا إلى خشبة مسرح مزدحمة يملأ أرجاءها طنين المثقفين المرتفع غير المفهوم، لدرجة يتأذى منها الجمهور، الكل منهم يتقمص دور البطولة.

مجموعة منهم يستيقظون مبكراً قبل الجميع، ويسارعون بالتقاط خشبة المسرح، يدفعهم فكرهم السلفى إلى تقديم حلول تراثية لعلاج مشكلاتنا المعاصرة ترى فى نفسها الأصح وحزمة المثقفين الباقية من الجهلة.

وفى اليوم التالى، تستبق مجموعة أخرى الجميع، يدفعهم ترعرعهم على مصاطب الغرب، يرفعون راية العصرنة فى حل المشاكل المعاصرة، وهؤلاء يقذفون كل من يتكلم عن الثقافة الأصيلة أو من ينادون بالمحافظة على التراث بأنهم ماضيون ومتخلفون.

وبين تلك المجموعات تطحن كيانات ضعيفة تناضل بتقديم البدائل من الحلول لمشاكلنا المعاصرة بفكر معاصر، ولكن فى ظل احترام مورثنا الثقافى.

لعنة الله على حياتنا الثقافية المعاصرة، فرغم أن تلك المجموعات يعدون من المثقفين، وتظلهم خشبة مسرح واحدة، إلا أنهم لا يدركون بعضهم البعض، مما أدى إلى وجود حالة من التمزق والتشرد التى انعكست بدورها على المجتمع ككل، وأضحينا لا نتحمل الرأى الآخر، وفقدنا التواصل فى الشارع والمنزل والعمل، مما نجمت عنه أخلاقيات صعبة المراس.

لعنة الله على حياتنا الثقافية المعاصرة، الخاسر فى النهاية هو المجتمع والمواطن العادى، ممن ينتظر وضوح الرؤية لدى المثقفين وتقديم الفكر البناء فى حل مشكلاته.

صحفى بالاهرام




تعليقات (7)

1

بدلا من أن تلعن الظلام أضئ شمعة

بواسطة: ابن عباس

بتاريخ: الثلاثاء، 24 مارس 2009 - 22:40

لعنت واسترحت لكنك لم تقدم لنا الحل ، مع أنكم في هذه الجريدة الغاشمة داخلين في الدائرة الملعونة ، قدمتم أناسا من أجهل خلق الله لينتقدوا أناسا من أعلم خلق الله ، وأي شخص يتكلم في أي حاجة ، وكل المحرمات تستباح باسم حرية الفكر وحرية التعبير ، لو سكت من لا يعلم قل الخلاف ........................

تكلموا بجهل أو بعلم فالله غالب على أمره ............

2

الثقافة لاتنزل من السماء مع المطر

بواسطة: هيما4000

بتاريخ: الثلاثاء، 24 مارس 2009 - 23:30

لماذا اللعنة سيدى؟ لماذا لاترجع الامور لمسبباتها؟ الثقافة وليدة المجتمع بصراعاتة السياسية والاجتماعية والاقتصادية حضرتك عايز حياتنا الثقافية تنزل مع الشتا؟ الثقافة انعكاس للتردى المجتمعى

3

نقض موضعي وتاييد فكري

بواسطة: كنزمان

بتاريخ: الأربعاء، 25 مارس 2009 - 10:07
4

ممكن اعرف انتو ليه مش بتنزلوا التعليق بتاعي كامل

بواسطة: كنزمان

بتاريخ: الأربعاء، 25 مارس 2009 - 18:30

لو سمحتم لو في اي اعتراض علي المتعليق ارسلو ليا رد يعرفني

5

ابحثوا عن معاني الكلمات

بواسطة: محمد فوزي

بتاريخ: الخميس، 26 مارس 2009 - 11:41

من الواضح ان الكاتب له تجربة او اكثر في المجال الثقافي والادبي والمسرحي، وهذا لمن يقرأ بفهم ووضوح.
فالحياة الثقافية لها اكثر من طريق .. والكاتب يشاركنا همومه في المجال، حيث تجد من يبحث عن الاصالة ومن يهلل للغرب. اري ان الكاتب لديه هموم ثقافية طالما يحاول ان يجد لها حلول ولكن الذنب ذنبا نحن . حيث لا نهتم بقافتنا ومبدائنا.

6

راي

بواسطة: باسم

بتاريخ: الخميس، 26 مارس 2009 - 12:47

اعتبر كاتب هذا المقال هو يقوم بنقد الحياة الثقافية في المجتمع المعاصر حيث انه يري هذا المجتمع من وجه نظر ويقول الاختلاف الراي لا يفسد للود قضية ويري ان كثير من المثقفين المعاصرين ينشرون الثقافة علي اهواءهم وارئهم فتجد من لايعرف شيئا يتكلم في الثقافة ويدعي انها الثقافة المعاصرة والجميع يتاثر به مع الاختلاف في وجهات النظر وهو يري انه ا من وجهه نظره ويلعن الحياة الثقافية المعاصرة.

7

عاوز أيه بعد اللعن

بواسطة: ريهام

بتاريخ: الخميس، 26 مارس 2009 - 19:23

كل من هب ودب أصبح يرتدي نظارة سميكة وينكش شعره ويقول بأنه مثقف حتى الفنانين بعد ما تروح عليهم يطلعوا في التليفزيون ويعملوا نفسهم مثقفين ويا بخت اللي نام مغلوب حرام عليكوا أرحمونا وبلاش ردح لبعض وشفوا المصايب في الشوارع

مقالي بالأهرام




44674 ‏السنة 133-العدد
2009 مارس 30 ‏3 من ربيع الاخر 1430 هـ
الأثنين




رؤية
وجهنا الحضاري
بقلم : أحمد خيري


خطوات قليلة تفصل مصر عن دخولها موسوعة جينيس العالمية للشحاتين‏..‏ بعد حجزها براءة اختراع عالمية في هذا المضمار‏,‏ كأندر الأماكن التي لها سر باتع وتمتلك الخلطة والموروث السحري في هذا العالم‏.‏

خبراء وعلماء الشحاتة الدوليون‏,‏ ساقوا أدلة وبراهين علي أحقية مصر في الفوز باختراع الشحاتة وامتلاكها حقوق الملكية الفكرية منها‏:‏ ـ

ـ سعي السائحون لالتقاط الصور التذكارية مع شحاتيها‏,‏ واحتلالها المرتبة الأعلي لديهم من زيارة الأماكن الحضارية والتاريخية‏.‏

ـ دخول مفهوم النيولوك إلي عالم الشحاتة بمصر‏,‏ فقضي علي زمن رقع الملابس والجرب الذي كان يغطي الأجساد والعاهات التي كانت تأكل سيقان وكفوف الشحاتين‏..‏ مع أفول زمن المتسولة أم عيال التي تفترش النواصي وسلالم الكباري‏,‏ بعد أن كبر عيالها والتحقوا بالجامعة الأمريكية والفرنسية والانجليزية‏.‏

ـ تمتلك مصر الرؤية الشاملة والادراك الواعي في عدم الانسياق خلف تطوير وتأهيل الناحية الشكلية لعالم الشحاتين‏,‏ وتخطت ذلك إلي المضمون والأفكار المبتكرة التي تستدر الأموال بجميع العملات دولار ـ ريال ـ دينار بعد أن ضاع زمن الجنيه‏,‏ واستعانوا بتكنولوجيا العصر كوسيلة مهمة في استدرار عطف المحسنين‏,‏ فانهالوا برسائل البريد الالكتروني ومواقع الانترنت التي تحكي مآسيهم وتفتح باب التبرع لأسرة مات عائلها ولا تستطيع دفع مديونيته وغيرها‏..‏

ـ أما شخصية الشحات فنالت أقصي درجات التطور في مصر‏,‏ فتحولت بقدرة قادر من شخص هامشي جاهل مبتور الأطراف أو سيدة يبدو شعرها كمصيدة لذباب الشوارع‏,‏ إلي شخصيات متعلمة ومنهم الموظفون‏..‏ ففوق الكباري تجد الكناسين مرصوصين بطريقة هندسية دقيقة‏,‏ لا تفلت من عيونهم السيارات التي تدفع‏,‏ وفي شهر رمضان ترتفع إجازات الموظفين للتمركز أمام الجوامع والأماكن السياحية للشحاتة‏.‏

وبعد أن ساق خبراء وعلماء الشحاتة الدوليون مبرراتهم‏,‏ أعلنوها صراحة بأن الدولة إذا لم تتدخل للقضاء علي هذه النكبة‏,‏ فسوف تصبح الحسنة القليلة نقمة وتجيب بلاوي كثيرة لمصر وحضارتها‏..‏





الأربعاء، 11 مارس 2009

قالوا عني .. في جريدة الجمهورية

هذه الرابط خاص بخبر عن كتاب مدينة الحريم بجريدة الجمهورية
يسرني معرفة رأيك حتى لو خالفني..ويمكن أن يستفاد منه

الاثنين، 2 مارس 2009

في جريدة الأهرام .. بقلم الناقد الكبير الدكتور فتحي سلامة



أعمدة



44519

‏السنة 133-العدد


الأحد




إبـداع الشـباب
يكتبه‏:‏ فتحي سلامة


علي الرغم من انني لا أوافق ما جاء في مقدمة الزميل أحمد خيري التي كتبها لتقديم مجموعته الجديدة‏,‏ الا انني سعدت بقراءة المجموعة التي حاول فيها أحمد خيري أن يرينا الكثير من الصور الاجتماعية للأسرة ولأهل القري‏,‏ وببراعة جميلة تدل علي موهبته في القص استطاع أن يدخلنا معه الي نفوس البشر في رحلة ممتعة داخل هذه النفس‏,‏ وبلغة جيدة ـ الا من بعض الهنات البسيطة ـ استطاع ان يأخذنا في هذه المرحلة بأسلوب بسيط‏,‏ وبتركيبة معمارية بسيطة اعادت الي أذهاننا فن القصة الواقعية‏,‏ والمباشرة وكأنه يجدد وجود محمود البدوي وأيضا ينافس القاص الكبير محمد كمال محمد‏.‏

والمجموعة‏(‏ مدينة الحريم‏)‏ تكونت من تسع قصص‏,‏ وجميعها تمشي وفق المعمار الاجتماعي البسيط‏,‏ مستخدما الكثير من الافعال‏,‏ وأيضا يستخدم الاسلوب المباشر‏,‏ ففي القصة الاولي‏(‏ أطفال الليل‏)‏ يحكي قصة ذلك الطفل ابن الاسرة الفقيرة التي احتاج الوالد ان يدفع بابنه للعمل في احدي الورش‏,‏ وتحكي القصة تجربة هذا الطفل وهو يعدو ليلا الي داره‏,‏ اما في القصة الثانية‏(‏ حب للأبد‏)[‏ في تلك الليلة لم يتحدث الي أحد‏,‏ جاءته في الحلم‏,‏ تقابلا تجمعت روحهما كما كانت في الحياة‏]‏

اما‏(‏ حضرة العمدة‏)‏ فهي صورة تكاد تكون ضاحكة‏(‏ عندما شاع خبر الجنة الغريب بعد صلاة العشاء‏,‏ تسابق الخفراء إلي الدوار لإخبار العمدة‏,‏ وعندما سمع لعن اجداد القتيل ومن جرفه في زمام القرية‏).‏

اما القصة التي سميت بها المجموعة‏(‏ مدينة الحريم‏)‏ فهي صورة تهكمية لقاسم أمين‏,‏ وهكذا تسير قصص المجموعة في تباين موضوعي‏,‏ تختلف القضايا التي تتبادلها‏,‏ ولكن لا تفيد الرأي الذي أدلي به المؤلف في المقدمة‏..‏

ومع هذا‏,‏ فالمجموعة امتازت بلغتها السهلة السليمة‏,‏ وان خالطتها المباشرة‏,‏ وهذا ليس عيبا‏,‏ لأن المؤلف كان يسعي الي تقديم براهين تثبت وجهة نظره‏,‏ وأتمني ان اقرأ له المزيد علي ان يتخلص من المباشرة فهو ليس داعيا انما هو قاص وموهبته جيدة في هذا المجال‏.‏

الأحد، 1 مارس 2009

في جريدة الأهرام .. في قلب العمران الخردة الإلكترونية .. قنبلة موقوتة!

تحقيقات



44439‏السنة 132-العدد2008اغسطس7‏6 من شعبان 1429 هـالخميس




في قلب العمران‏:‏
الخردة الالكترونية‏..‏ قنبلة موقوتة‏!‏

تحقيق ـ أحمد خيري
لا أحد من تجار الخردة الالكترونية يدرك مدي الخطورة التي يسببها التخلص غير الآمن من أجهزة الحاسبات الآلية‏,‏ ومعدات الاتصالات القديمة‏,‏ والتي تصيب الانسان بأمراض خطيرة وفي نفس الوقت تهدد البيئة‏,‏ والمخزون الجوفي من المياه‏.‏

ولا شك أن عدم وجود تشريعات صارمة تجرم هذه الظاهرة‏,‏ ساهم كثيرا في عمليات حرق منظمة للتخلص من هذه النفايات التي صارت تمثل قنبلة موقوتة تسبب كوارث بيئية وصحية‏..‏ تتحدي كل القوانين‏!‏

هناك سلسلة طويلة من المؤشرات تدل علي تنامي تلك المشكلة‏,‏ تتصدر حلقاتها ارتباطها بنوعية من الصناعات سريعة التطور‏,‏ حيث تجد الموديلات الجديدة طريقها الي الظهور في الأسواق المحلية والعالمية كل ثمانية عشر شهرا تقريبا‏,‏ يضاف الي ذلك قصر العمر الافتراضي لتلك المنتجات‏,‏ نظرا لارتباطها بتطور آخر في صناعات مكملة مثل هندسة البرامج‏

التي تتطلب وجود أجهزة بمواصفات خاصة‏,‏ الأمر الذي يدفع الشركات المنتجة الي ابتكار أجهزة ذات مواصفات عالية وبالتالي يضطر المستهلك الي شراء الحديث من المنتجات والتخلص من القديم‏.‏ يتضافر مع تلك الحلقات غياب المقاييس القانونية‏,‏ التي تمثل المحك الرئيسي للتفريق بين النفايات السامة والنفايات الأخري‏

مما يسمح للأفراد وبعض مراكز الصيانة ومصانع بير السلم في بإلقاء مخلفاتهم الالكترونية داخل صناديق القمامة العامة وجعلها أمرا اعتياديا‏.‏

مصدر النفايات الالكترونية
من أجل تحديد حجم المشكلة علي أرض الواقع‏,‏ حاولنا الوصول الي منابع ضخ هذه الأجهزة الالكترونية المتهالكة‏,‏ والطرق التي تسلكها حتي تصل الي أيدي تجار الخردة‏,‏ وهنا يصنف المهندس علي محمد القناوي ـ رئيس مجلس إدارة إحدي الشركات المتخصصة في تجميع الحاسب الآلي ـ مصادر جبال الأجهزة الالكترونية المرصوصة في سوق الخردة بالإمام الشافعي ـ التي تعقد يوم الجمعة ـ وسوق الخردة بمنطقة شبرا ـ والتي تعقد يوم الأحد‏

باعتبارهما من أكبر المدافن الرقمية لأجهزة الحاسب الآلي القديمة والتليفونات المحمولة وأجهزة التليفزيونات المستعملة‏,‏ في مصدرين مهمين‏,‏ أولهما مخلفات المناقصات التي تقيمها الجهات الحكومية‏,‏ وهي كميات ضخمة نتجت من جراء شراء اربعة أجيال من أجهزة الحاسب الآلي ومستلزماته‏,‏ امتدت الموجة الأولي ـ التي بدأت عام‏1988‏ ـ لمدة خمس سنوات‏,‏ خلفت وراءها آلافا من الأجهزة القديمة داخل المخازن‏,‏ تلاحقت بعدها الموجات التي استغرقت كل منها خمس سنوات‏,‏ حتي رفعت رصيد المخازن الي مئات الآلاف من الأجهزة القديمة‏.‏

وطبقا لمعايير البيع والشراء التي يحددها الروتين والقوانين داخل المؤسسات الحكومية‏,‏ فإن العمر الافتراضي لأجهزة الحاسب يتراوح بين ثلاث وخمس سنوات‏,‏ لتتحول القيمة الدفترية للأجهزة الي الصفر‏,‏ ومن ثم حددت اللوائح الطريق لوصول الأجهزة من المخازن الحكومية الي تجار الخردة‏.‏ أما الطريقة الثانية التي تمد تلك المدافن الرقمية بالأجهزة القديمة‏,‏ فيحددها المهندس القناوي فيما يتم استيراده من أجهزة مستعملة‏,‏ تحت لافتات متعددة كمكونات صناعية أو أجهزة رخيصة رأفة بغير القادرين علي شراء الجديد منها‏,‏ وغيرها من الشعارات التي تلتف حول اتفاقية بازل بشأن التحكم في نقل النفايات الخطرة والتخلص منها عبر الحدود والقوانين المحلية التي تحرم وتجرم دخول النفايات الإلكترونية‏.‏

وحتي يمكننا لمس آثار مشكلة السماح لمثل النفايات بالدخول الي أسواقنا‏,‏ وتقدير عواقبها ـ أشار القناوي ـ الي أحد التقارير العالمية الذي يحمل عنوات تصدير الأذي‏:‏ نفايات فائقة التطور في أسيا‏,‏ ورصد عدد من القري تقع في جنوب شرق الصين‏,‏ تجري فيها عملية تفكيك وحرق أجهزة الحاسب الآلي القديمة‏,‏ ويقذف بالبقايا غير النافعة منها داخل الحقول وعلي ضفاف الأنهر‏,‏ وعليه أصبحت المياه الجوفية في تلك الأماكن ملوثة تماما ولا تصلح للشرب‏,‏ لدرجة أن أهالي القرية يسعون لمسافة ثمانية عشر ميلا بغرض الحصول علي مياه شرب‏,‏ وقد أظهرت عينة أخذت من احدي تلكقري المنطقة‏,‏ بأن مستوي التلوث يفوق معدلات التلوث المقبولة بـ‏190‏ مرة‏.‏

النفايات الالكترونية‏..‏ مواد سامة‏!‏
يؤكد المهندس ماجد جورج وزير الدولة لشئون البيئة‏,‏ أن مخلفات الصناعات الألكترونية والكهربائية مثل الحاسبات المستعملة وأجهزة الاتصالات السلكية واللاسلكية والأجهزة الكهربائية تعد من النفايات الخطرة‏,‏ نظرا لما تحتويه من مكونات ومواد سامة‏,‏ مثل الفسفور الذي يتم دهن شاشات الحاسبات به وهي مادة شديدة السمية‏,‏ والباريوم المستخدم في اللوح الأمامي للشاشة للحماية من الاشعاع‏,‏ واللدائن من مادة بولي فينيل كلوريد‏,‏ ومضادات اللهب التي تحد من انتشار الحريق في خامات البلاستيك‏,‏ والرصاص المستخدم في الدوائر المستخدمة في الدوائر المطبوعة والتي تغطي بالرصاص‏,‏ إضافة الي الكادميوم المستخدم في الدوائر الالكترونية المتكاملة والمقاومات والمكثفات الموجودة بالأجهزة الكهربائية‏.‏

ويشير المهندس ماجد جورج الي أن التخلص غير الآمن لهذه النوعية من النفايات سواء بالدفن أو الحرق‏,‏ يتسبب في أضرار بيئية وصحية عديدة مثل أمراض هشاشة العظام والأمراض العصبية وضعف الذاكرة والشيخوخة المبكرة بالإضافة الي الأضرار الناجمة عن كسرها‏,‏ لهذا تهدف إعادة التدوير الي الحد من التأثيرات الصحية والبيئية الناتجة عن التخلص غير الآمن من هذه النفايات عن طريق الحرق في محارق المخلفات الخطرة أو الدفن غير الآمن لها‏,‏ ويعد تدوير المنتجات الالكترونية أمرا غاية في الصعوبة نظرا لتعدد المواد المتداخلة في تصنيعها‏,‏ ولا توجد بمصر حاليا شركات متخصصة في عمليات إعادة التدوير‏.‏

وجهاز شئون البيئة ـ وحدة الصناعة ـ له العديد من الأنشطة في مجال تدوير مخرجات صناعات الإلكترونيات حيث أشار المهندس ماجد جورج إلي أحد المشروعات الذي جري بالتعاون مع البنك الدولي‏,‏ لتوفيق أوضاع شركة النصر للأجهزة الكهربائية والالكترونية بالاسكندرية‏,‏ بغرض تقليل انبعاثات أبخرة الزئبق في بيئة العمل‏.‏ يضاف الي ذلك بعض المبادرات التي قامت بها إحدي شركات المحمول المصرية‏,‏ والخاصة بتجميع بطاريات التليفون المحمول المستهلكة في السوق المصرية‏,‏ وإعادة تدويرها في انجلترا بالتعاون مع احدي الشركات‏.‏

صحة الانسان أولا
يتطلب انتاج بعض الأجهزة الالكترونية استخدام مواد خام كيماوية‏,‏ تصل في بعضها الي أضعاف وزنه‏,‏ حيث أعطي المهندس وحيد عبد الحليم ـ رئيس مجلس ادارة إحدي الشركات العاملة في مجال تجميع وتصنيع الحاسب الآلي ـ مثالا علي انتاج جهاز حاسب الآلي يزن حجمه أربعة وعشرون كيلو جراما‏,‏ فإنه يحتاج الي نحو‏240‏ كيلو جراما علي الأقل من وقود الحفريات للتزويد بالطاقة‏,‏ وأثنين وعشرين كيلو جراما من المواد الكيماوية‏,‏ أضف الي ذلك كمية مياه تصل إلي‏1,5‏ طن من المياه‏.‏

تشير تلك الاحصائيات الي خطورة وصول تلك الأجهزة الالكترونية القديمة‏,‏ في نهاية المطاف الي أيدي تجار الخردة‏,‏ ممن يفقدون الوعي الصحي الكافي‏,‏ بما تحتويه هذه الأجهزة من مكونات سامة وضارة‏.‏

حيث أوضح الدكتور أحمد محمد بدوي استشاري مخ واعصاب بأن تلك الأجهزة‏,‏ عادة ماتتكون من عناصر خطرة علي جسم الانسان‏,‏ منها علي سبيل المثال مادة الرصاص التي تشكل عنصرا مهما في تكوين الحاسب الآلي‏,‏ لها تأثيرها المباشر علي الجهاز العصبي والدور الدمو والكلي وجهاز المناعة‏,‏ فضلا عن أثرها السلبي علي النمو العقلي للأطفال‏.‏

أما عنصر الكاديموم فيعد من العناصر الفلزية ذات التأثير الخطير عند ترسبه علي الكلي والجهاز البولي‏,‏ وكذلك مادة الزئبق التي تعمل علي تحطيم الأعضاء الداخلية خاصة الدماغ والكلي‏,‏ ويؤثر سلبيا علي تكوين الجنين‏,‏ وينتج عن اختلاط الزئبق بالماء ميثالين الزئبق الذي يترسب داخل الأعضاء الحية بكل سهولة‏,‏ وتشير الدراسات الي أن‏22%‏ من الاستهلاك السنوي للزئبق يتم عبر المعدات الكهربائية والالكترونية والأجهزة الطبية والهواتف المحمولة وأجهزة الاستشعار‏,‏ وارتفع معدل استعمال الزئبق بصورة ملفتة‏,‏ بعد تطوير شاشات العرض الحديثة والمسطحة التي ظهرت لتحل محل أنابيب الكاثود التقليدية‏.‏

الأحد، 22 فبراير 2009

في جريدة الجزيرة السعودية .. اختارته موسوعة (جينيس) ليكون أول ساعاتي معاق في العالم مصري بلا ذراعين.. يعمل على أجهزة الكمبيوتر!!‏

مواهب

اختارته موسوعة (جينيس) ليكون أول ساعاتي معاق في العالم
مصري بلا ذراعين.. يعمل على أجهزة الكمبيوتر!!‏


القاهرة - أحمد خيري

صورة‏ ‏من‏ ‏صور‏ ‏تحدي‏ ‏الإعاقة‏ ‏يقدمها‏ ‏لنا‏ ‏رجب‏ عبدالمقصود 27 عاماً، ‏الذي حرم‏ ‏نعمة‏ ‏التمتع‏ ‏بيدين‏ ‏طبيعيتين‏، لكنه‏ ‏لم‏ ‏يستسلم‏ ‏للإحباط‏ ‏أو اليأس‏، ‏وجد‏ ‏في‏ ‏قدميه‏ بديلاً لليدين‏‏، ‏فعمد إلى تدريب‏ ‏نفسه‏ ‏والاستعانة‏ ‏بآخرين‏، ‏حتى‏ ‏غدا‏ ‏فنيا‏ ‏متميزا‏ في‏ إصلاح ‏الساعات‏ ‏الإلكترونية والكلاسيكية، ‏وامتدت‏ ‏إرادته‏ إلى ‏التدريب‏ ‏في‏ ‏مجال‏ ‏تجميع‏ أجهزة الكمبيوتر، ‏كما‏ ‏أصبح‏ ‏فنيا‏ ‏ماهرا‏ ‏في‏ ‏تصليح‏ ‏الساعات‏ ‏والأجهزة‏ ‏الإلكترونية‏ ‏الأخرى‏. وأتقن فك وصيانة أجهزة الكمبيوتر، ومؤخرا ابتكر أول دراجة نارية يقودها معاق بقدميه.. ‏وإليكم‏ ‏قصة‏ ‏التحدي‏ ‏من‏ ‏بدايتها، رغم‏ ‏ضيق‏ ‏الحال‏ ‏بإحدى‏ ‏الأسر‏ ‏البسيطة‏ ‏القاطنة‏ ‏في‏ ‏كفر‏ ‏حجازي ‏بمركز ‏إمبابة‏ ‏في محافظة‏ ‏الجيزة‏، ‏إلا‏ ‏أنها‏ استقبلت‏ ‏طفلها‏ ‏الخامس‏ ‏كعادة‏ ‏كل‏ ‏الأسر‏ ‏بفرحة‏ ‏وتهاني‏. ولكن‏ ‏سرعان‏ ‏ما‏ ‏تحولت‏ ‏تلك‏ ‏الفرحة إلى كابوس‏ ‏أخذ‏ ‏يطاردهم‏ ‏بعد‏ ‏أن‏ ‏ظهرت‏ ‏بوادر‏ ‏عيوب‏ ‏خلقية‏ على ذراعي‏ ‏رجب‏ ‏وصلت‏ ‏بالطفل إلى مرحلة‏ ‏عدم‏ ‏استخدامهما‏ ‏بصورة‏ ‏طبيعية‏.‏

بدأت‏ ‏رحلة‏ ‏معاناة‏ ‏رجب‏ ‏وأسرته‏، ‏حينما‏ ‏اكتشفوا‏ ‏‏ضمور‏ ‏ذراعي‏ ‏طفلها‏، ‏وأخذت‏ أسرته ‏في‏ ‏البحث‏ ‏عن ‏طرق‏ ‏مختلفة‏ ‏لعلاجه‏، ‏حيث‏ ‏ركزوا‏ ‏في‏ ‏البداية‏ على الناحية‏ ‏الطبية‏ ‏بالمستشفيات‏ ‏الحكومية‏، ‏ولكن‏ ‏حال‏ ‏الطفل‏ ‏كان‏ ‏ينتقل‏ ‏من‏ ‏سيئ إلى أسوأ‏.. ‏حتى‏ ‏فقد‏ ‏رجب‏ ‏التحكم‏ ‏في‏ ‏حركة‏ ‏ذراعيه‏ ‏نهائيا‏، ‏الأمر‏ ‏الذي‏ ‏فجر‏ ‏في‏ ‏منزله‏ ‏مشكلة‏ أخرى تتعلق‏ ‏بالخوف‏ على مستقبله‏، ‏ومن‏ ‏ثم‏ ‏كان‏ ‏توجههم إلى إلحاقه‏ ‏بكتاب‏ ‏القرية‏ أمرا‏ ‏طبيعيا‏، حتى‏ ‏يتعلم‏ ‏القراءة‏ ‏والكتابة‏ ‏وحفظ‏ ‏القرآن‏ ‏الكريم‏، ‏ويتأهل‏ ‏في‏ ‏النهاية‏ شيخا‏، ‏يمكنه‏ ‏إنشاء‏ ‏كتاب‏ خاص‏ ‏به‏ ‏في‏ ‏القرية‏، ‏ولكن‏ ‏تلك‏ ‏الأمنية‏ ‏فشلت‏ ‏أيضاً‏، ‏ولم‏ ‏يستطع‏ ‏تعلم‏ ‏القرآن‏ ‏كاملا‏ً! ‏

و‏بدأت‏ ‏رحلة‏ ‏العلاج‏ ‏مرة‏ أخرى وانقطع‏ عن‏ ‏الكتاب‏ ‏رغما‏ً ‏عنه‏، ‏حيث‏ ‏كانت‏ ‏الشهور‏ ‏التي‏ ‏يقضيها‏ ‏بداخل‏ ‏المستشفي‏ ‏كفيلة‏ ‏بأن‏ ‏تنسيه‏ ‏ما‏ ‏حفظه‏ ‏من‏ ‏القرآن‏ ‏الكريم‏، ‏وبعد‏ ‏رحلة‏ ‏طويلة‏ ‏من‏ ‏المعاناة‏ ‏المعنوية‏ ‏والمادية‏ ‏للطفل‏ ‏وأسرته‏، ‏لم‏ ‏ينجح‏ ‏الأطباء‏ ‏إلا‏ ‏في‏ ‏إعطاء‏ ‏يديه‏ ‏نوعا‏ ‏من‏ ‏الحركة‏ ‏دون‏ ‏أن‏ ‏يتم‏ ‏علاج‏ ‏العيوب‏ ‏الخلقية‏ ‏بها‏ ‏والتي‏ ‏كانت‏ ‏تعيق‏ ‏استخدامه‏ ‏لها‏ ‏نهائيا‏ً.‏

استسلمت‏ ‏الأسرة‏ ‏لقدرها‏، ‏وبدأت‏ ‏تتعامل‏ ‏مع‏ ‏رجب‏ على أنه‏ ‏شخص‏ ‏ذو‏ ‏احتياجات‏ ‏خاصة‏ ‏في‏ ‏حاجة إلى المساعدة‏ ‏بصورة‏ ‏مستمرة‏، ‏لكن‏ ‏هذا‏ ‏الشاب‏ ‏فاجأ‏ ‏الجميع‏ ‏بإرادة‏ ‏لم‏ ‏تكن‏ ‏متوقعة‏ ‏وعزيمة‏ ‏لا‏ ‏تلين‏، ‏دفعته إلى إثبات‏ ‏ذاته‏ ‏ووجوده‏ ‏ولم‏ ‏تجعله‏ ‏يتجاوب‏ ‏مع‏ ‏أفكار‏ ‏أسرته‏ في‏ ‏البقاء‏ ‏بالمنزل‏، ‏وهو‏ ‏يري‏ ‏أخوته‏ ‏يذهبون إلى المدارس‏ ‏وساعده‏ ‏في‏ ‏ذلك‏ ‏حبه‏ ‏للإلكترونيات‏.‏

بدون‏ ‏علم‏ ‏من‏ ‏والديه‏ ‏اتجه‏ ‏رجب إلى تدريب‏ ‏قدميه‏ على طريقة‏ ‏التحكم‏ ‏الدقيق‏ ‏بالأدوات‏ ‏الصغيرة‏ ‏المستخدمة‏ ‏في‏ ‏فك‏ ‏الأجهزة‏ ‏الإلكترونية‏، ‏رغم‏ ‏أنه‏ ‏كان‏ ‏أمرا‏ً ‏شاقاً‏ ‏عليه‏، ‏واستغرقت‏ ‏تلك‏ ‏العملية‏ ‏شهورا‏ ‏طويلة‏ ‏تخللها‏ ‏تدريب‏ ‏متواصل‏ على كافة‏ ‏الأدوات‏ ‏البسيطة‏ ‏التي‏ ‏يمكنه‏ ‏استخدامها‏ ‏في‏ ‏فك‏ ‏الأجهزة‏ ‏الإلكترونية‏ ‏حتى‏ ‏أمكنه‏ ‏في‏ ‏النهاية‏ ‏الإمساك‏ ‏بها‏ ‏بشكل‏ ‏طبيعي‏ ‏باستخدام‏ ‏القدمين‏.‏

نجح رجب في العمل بمجال إصلاح أجهزة التلفزيون، وذاع صيته في القرية، ولكن بعد فترة اكتشف أنه في حاجة لمن يساعده في حمل تلك الأجهزة الثقيلة، فقرر الاتجاه لعمل جديد يستفيد فيه من خبرته التي اكتسبها في تصليح الأجهزة الإلكترونية، لذا لجأ إلى مهنة والده الذي كان يعمل (ساعاتي)، ومتخصص في إصلاح الساعات القديمة المتهالكة لأهل القرية، ومن ثم أراد أن يطور من نفسه ويرتقي للعمل في أنواع الساعات الإلكترونية.

مصاعب‏ ‏مع‏ ‏الناس

بعد وفاة والده‏ ‏حاول‏ ‏التدريب‏ في ‏بعض‏ ‏المحلات‏ ‏المتخصصة‏ ‏في‏ ‏تصليح‏ الساعات‏ الإلكترونية، ‏ولكن واجه‏ ‏الجميع‏ ‏بالرفض، فهذه المهنة تحتاج من الحرفي دقة في استخدام أطراف يديه، ورجب لا يملك إلا قدميه‏‏، وزاد بعضهم من القسوة بأن اتخذ‏وا ‏منه‏ ‏مادة‏ ‏طريفة‏ ‏للتسلية‏ ‏لكونه‏ ‏بلا‏ ‏يدين‏، ‏ويريد‏ ‏التدرب‏ على إصلاح‏ ‏الساعات‏، لذا‏ ‏لم‏ ‏يجد‏ ‏مفرا‏ ‏من‏ الاعتماد‏ على تعليم‏ ‏نفسه‏ ‏ذاتيا‏.

‏وقتها كان عمره لم يتعد خمسة عشر عاماً، فأتجه إلى الاعتماد على ذاته في التدريب، عبر فك‏ ‏إحدى‏ ‏الساعات‏ ‏القديمة‏ ‏الموجودة‏ ‏داخل‏ ‏منزله‏ ‏وقابلته‏ ‏صعوبات‏ ‏جمة‏ ‏في‏ ‏انتزاع‏ ‏و‏ ‏فك‏ ‏الغطاء‏ ‏الخلفي‏ ‏للساعة‏ ‏عن‏ ‏طريق‏ ‏قدميه‏، ‏ولكن‏ ‏عزيمته‏ ‏ظلت‏ ‏تدفعه إلى التدرب‏ على ذلك‏ ‏حتى‏ ‏أتقنها‏ ‏دون‏ ‏اللجوء إلى أحد‏ ‏الحرفيين‏ ‏لتعلمها‏ ‏من‏ ‏خلاله‏، ‏وبعدها‏ ‏اقتني‏ رجب‏ نوعا‏ ‏آخر‏ ‏من‏ ‏الساعات‏ ‏القديمة‏ وشرع‏ في‏ ‏فك‏ ‏مكوناتها‏ ‏الدقيقة‏ ‏ولكن‏ ‏واجهته‏ ‏صعوبة‏ ‏كبيرة‏ ‏في‏ ‏السيطرة‏ على فك‏ ‏تلك‏ ‏المكونات‏ ‏وتركيبها‏ ‏مرة‏ ‏أخري‏ ففشل‏ ‏مؤقتا‏ ‏وانتابته‏ ‏حالة‏ ‏من‏ ‏اليأس‏.‏

لكن‏ ‏روح‏ ‏التحدي‏ ‏التي‏ ‏كانت‏ ‏ملازمة‏ ‏له‏ ‏عادت‏ ‏لتدفعه‏ ‏لإعادة‏ ‏المحاولة‏ ‏وجعلته‏ ‏يقترض‏ ‏مبلغا‏ ‏من‏ ‏المال‏ لشراء‏ ‏إحدى‏ ‏الساعات‏ ‏ونجح‏ ‏في‏ ‏فكها إلى أجزائها‏ ‏الأولية‏ ‏وقام‏ ‏بتركيبها‏.‏

ساعدته في النجاح ذاكرته القوية، التي سخرها أثناء تردده على محلات الصيانة، حينما‏ ‏كانت‏ ‏تواجهه‏ ‏مشكلة‏ ‏يجهلها‏ ‏أو‏ ‏مكون‏ ‏من‏ ‏مكونات‏ ‏الساعات‏ ‏لا‏ ‏يعرفه‏،‏ ‏مدعيا‏ً ‏أن‏ ‏ساعته‏ ‏بها‏ ‏نفس‏ ‏العطل‏، حتى تحين اللحظة وتتحفز كل حواسه لمراقبة ‏الساعاتي‏ ‏بداية من‏ ‏فكه‏ ‏لغطاء ‏الساعة‏ ‏إلى مرحلة استخدام‏ ‏أجهزة‏ ‏القياس‏ ‏المختلفة‏ ‏في‏ ‏تحديد العطل وعمليات‏ ‏الإصلاح‏، ‏وبعد أن يدرك كل تلك الخطوات يسجلها في ذهنه، ‏ويذهب‏ ‏مسرعا إلى بيته‏ لكي‏ يدرب‏ ‏نفسه‏ ‏عليها‏ قبل نسيانها، ‏وبتلك‏ ‏الطريقة‏ ‏تمكن‏ ‏رجب‏ ‏من‏ ‏تدريب‏ ‏نفسه‏ على صيانة‏ ‏الساعات‏ ‏ذاتيا.‏

نجاحه ‏دفعة للتقدم إلى موسوعة (جينيس) للأرقام القياسية في العالم، وبعد اختبارات عديدة جاءته المفاجأة الكبرى باختياره ليكون أول ساعاتي معاق في العالم.. ‏فزاده‏ ‏ذلك‏ ‏ثقة‏ ‏بنفسه‏، دفعته ‏للتوسع‏ ‏والتنوع‏ ‏في خبراته الفنية، ‏بدأ‏ ‏يدرب‏ ‏نفسه‏ على فك‏ ‏الأجهزة‏ ‏الإلكترونية‏ ‏المتنوعة‏ ‏خاصة‏ ‏بعد‏ ‏أن‏ ‏تزوج‏ ‏وأنجب‏ ‏طفلين‏، ‏ولم‏ ‏يعد‏ ‏عمله‏ ‏في‏ ‏تصليح‏ ‏الساعات‏ ‏داخل‏ ‏قريته‏ ‏موردا‏ ‏يتكفل‏ ‏بدفع‏ ‏مصاريف‏ ‏بيته‏ ‏وتربية‏ ‏أولاده‏.‏

من الساعات للكمبيوتر

عادت‏ ‏روح‏ ‏التحدي‏ ‏مرة‏ أخرى ورفض‏ ‏تقبل‏ ‏المساعدة‏ ‏بدافع‏ ‏الشفقة‏ ‏من‏ ‏الآخرين‏، ‏وبدأ‏ ‏البحث‏ ‏عن‏ ‏مجال‏ ‏جديد‏ ‏للعمل‏ ‏يرفع‏ ‏به‏ ‏موارده‏ ‏المالية‏، ‏وحينما‏ ‏سمع‏ ‏عن‏ ‏صيانة‏ ‏أجهزة‏ الكمبيوتر ‏‏وتجميعها‏، ‏ومدى الاستفادة‏ ‏التي‏ ‏يمكن‏ ‏أن‏ ‏يجنيها‏ ‏من‏ ‏وراء‏ ‏ذلك‏، ‏راح‏ ‏يتدرب‏ ‏من‏ ‏جديد‏ على تعلم‏ ‏طريقة‏ ‏تجميع‏ ‏وصيانة‏ ‏أجهزة الكمبيوتر‏، ‏وهنا‏ ‏اصطدم‏ ‏بمشكلة‏ ‏جديدة‏ ‏وهي‏ ‏عدم‏ ‏تعلمه‏ ‏اللغة‏ ‏الإنجليزية‏.‏ لم‏ ‏ييأس‏ ‏بل‏ ‏قام‏ ‏بشراء‏ ‏كمبيوتر‏ ‏بالتقسيط‏، ‏وأخذ‏ ‏يتدرب‏ ‏عليه‏ ‏عن‏ ‏طريق‏ ‏أحد‏ ‏الأشخاص‏ ‏القريبين‏ ‏منه، ‏وبعد‏ ‏ذلك‏ ‏تعرف‏ على بعض‏ ‏الأشخاص‏ ‏الذين‏ ‏يمتلكون‏ مركزا‏ ‏لتجميع‏ ‏أجهزة‏ ‏الكمبيوتر‏ ‏لصالح‏ ‏مشروع‏ ‏حاسب‏ ‏لكل‏ ‏بيت‏ التابع لوزارة الاتصالات، ‏وبدأ‏ ‏يتدرب‏ ‏لديهم‏ على مكونات‏ ‏الحاسب‏ ‏وطرق‏ ‏صيانته.

وبعد سماعة عن الفوائد التي يمكن أن يجنيها من خلال التسويق الإلكتروني، دفعه الطموح إلى تعلم القراءة والكتابة، والتعرف على‏ ‏الحروف‏ ‏الأجنبية‏ ‏المتواجدة‏ على لوحة‏ ‏مفاتيح‏ الأجهزة، ومن ثم الارتقاء إلى مرحلة التعامل مع‏ ‏أنظمة‏ ‏التشغيل‏ ‏المعربة‏ ‏حتى‏ ‏تمكن‏ ‏في‏ ‏النهاية‏ ‏من‏ ‏العمل‏ على جهاز الكمبيوتر‏ ‏عن‏ ‏طريق‏ ‏قدميه‏ ‏بصورة‏ ‏جيدة‏.. وبمساعدة من أصدقائه تمكن من تصميم وبناء موقع إلكتروني خاص، يتيح له عرض مواهبه المختلفة وتسويق الساعات القديمة ذات الأسعار المرتفعة.

في جريدة الجزيرة السعودية بفضل تكنولوجيا المعلومات.. شقة محتوياتها تسمع وتفهم والكفيف فيها كالمبصر!

ريبورتاج

بفضل تكنولوجيا المعلومات..
شقة محتوياتها تسمع وتفهم والكفيف فيها كالمبصر!


القاهرة - أحمد خيري:

في‏ ‏الدور‏ ‏الثامن‏ ‏بإحدى‏ ‏العمارات‏ ‏الفخمة‏ ‏بحي‏ ‏المهندسين‏ ‏بمدينة الجيزة، وقفت‏ ‏وزميلي‏ ‏المصور‏ ‏أمام باب إحدى الشقق، أبحث‏ ‏عن‏ ‏جرس‏ ‏للباب‏ ‏فلم‏ ‏أجد‏، ‏فهممت بطرقه‏ فانفتح‏ ‏فجأة‏، بحثت ‏عن‏ ‏أحد‏ ‏بجواره، فلم أجد وجاءني‏ ‏صوت‏ ‏من‏ ‏الداخل‏ ‏مرحبا‏ وطالبا‏ ‏دخولي‏ ‏الشقة‏.. بمجرد‏ ‏دخلونا‏ ‏تناهى لسمعي ‏الصوت‏ ‏نفسه يقول‏ ‏أغلق‏ ‏الباب‏، ‏وحينما‏ ‏اتجهت ‏لإغلاقه‏ ‏وجدت‏ ‏الباب‏ ‏ينغلق‏ ‏من تلقاء نفسه.

(حجرة‏ ‏الصالون‏ ‏على ‏يمينكما ‏تفضلا) قالها‏ ‏‏‏الصوت‏ ‏نفسه الذي‏ ‏أنهى ‏كلامه‏ ‏بجملة‏: ‏افتح‏ ‏نور‏ ‏الصالون‏، ‏فجأة‏ ‏وجدنا‏ ‏كافة‏ ‏الأنوار‏ ‏داخل‏ ‏الصالون‏ ‏قد‏ ‏أضيئت‏ ‏من تلقاء نفسها، ثم جاءنا الصوت نفسه،: هل تريدون تكييف ساخن أم لا، ‏فطلب‏ ‏زميلي‏ ‏أن‏ ‏يعمل‏ ‏جهاز‏ ‏التكييف‏، وبدون‏ ‏أدنى‏ ‏حركة‏ ‏قال صاحب الصوت: جهاز‏ ‏التكييف‏ ‏رقم‏ 3، فبدأ‏ ‏جهاز‏ ‏التكييف‏ ‏الخاص‏ ‏بحجرة‏ ‏الصالون‏ ‏فقط‏ ‏في العمل وفي‏ ‏دقائق‏ ‏شعرنا‏ ‏بالدفء.. ما الذي يحدث في هذه الشقة التي بدت محتوياتها وكأنها مزودة بآذان صاغية تتلقى الأوامر من صاحب الصوت فتفهم وتنفذ؟

جاءت زيارتنا للشقة للتأكد على أرض الواقع بمدى ما يمكن أن تفعله الثورة التي اجتاحت عالم الحاسبات والإلكترونيات وتكنولوجيا المعلومات عموماً لذوي الاحتياجات الخاصة والمعاقين، فالشقة مملوكة لشخص يعاني من العمى، تولت إحدى الشركات المتخصصة تجهيزها بنظام معلومات وإلكترونيات خاص، لمساعدته على ممارسة حياته بمفرده داخل الشقة كما لو كان مبصراً، ودون مساعدة من أحد، فقد حاول النظام أن يكون وسيطاً ذكياً بين ساكن الشقة ومحتوياتها جميعاً، يجعل هذه المحتويات تسمع صوت صاحبها فتفهم وتنفذ ما يريد.

بعد‏ ‏فترة‏ ‏من‏ ‏وجودنا مع‏ ‏محمد‏‏ صاحب الشقة، لم‏ ‏نشعر‏ ‏بأننا‏ ‏نجلس‏ ‏مع‏ ‏شخص‏ ‏كفيف‏ ‏بل‏ شخص‏ ‏عادي‏ ‏يتعامل‏ ‏مع‏ ‏كافة‏ ‏الأجهزة‏ ‏والمعدات‏ ‏الحديثة‏ ‏الموجودة‏ ‏في‏ ‏شقته‏ ‏كأنه‏ ‏شخص‏ ‏مبصر، ولا يبدو هناك أي شيء غريب سوى سماعة صغيرة يعلقها محمد على فتحة القميص الذي يرتديه، تتيح له فرصة التحدث من خلالها إلى أي جهاز داخل الشقة، فمثلاً بعد دقائق من جلوسنا معاً سألنا‏ ‏محمد‏ ‏عن‏ ‏شيء‏ ‏نشربه‏ ‏كواجب ضيافة، ففضلنا‏ ‏أن‏ ‏لا نطلب‏ ‏شيئا‏ً ‏لكونه بمفرده وسيصعب عليه القيام بهذا الواجب‏ ‏فاعتذرنا‏، ‏ولكنه‏ ‏ألح‏ ‏عندما‏ ‏شعر‏ ‏بإحراجنا‏، ‏وقال‏ ‏بصوت مسموع: حاجة (‏ساقعة‏)‏..‏ الثلاجة‏ 2، ففتحت ثلاجة صغيرة بالصالون أبوابها، وتناولنا منها المشروب.

حينما لمحت جهاز‏ ‏كمبيوتر‏ ‏موجود‏ ‏في‏ أحد أركان ‏الشقة، وهممت بالذهاب ناحيته للتعرف على إمكاناته التي تتيح استعماله من قبل المكفوفين..‏تحدث‏ ‏في‏ ‏السماعة‏ التي يحملها، ‏فعمل‏ ‏جهاز‏ ‏الكمبيوتر بمفرده‏ ‏قبل‏ ‏أن‏ ‏أصل ‏إليه‏، وجدت‏ ‏أن‏ ‏لوحة‏ ‏المفاتيح‏ ‏(كيبورد‏) ‏تحتوي‏ ‏على‏ ‏رموز‏ ‏بارزة‏ ‏على‏ ‏مفاتيحها‏ مصممة باستخدام نظام‏ (برايل)، إضافة‏ ‏إلى ‏وجود‏ ‏برامج‏ ‏خاصة‏ ‏مثبتة على‏ جهاز ‏الكمبيوتر، يمكنها تحويل النصوص المكتوبة إلى إشارات وأصوات، ومن ثم يتفاعل مع الشخص الكفيف عبر قراءة النصوص‏ ‏المعروضة وإذاعتها‏ ‏صوتياً.

نظام‏ ‏مصري

هذا‏ ‏النموذج‏ ‏السابق‏ ‏ليس‏ ‏ضربا من‏ ‏الخيال‏، ‏ولكنه‏ ‏واقع‏ ‏يوضح‏ ‏أهمية‏ ‏تطويع‏ ‏استخدام‏ ‏الوسائل‏ ‏التكنولوجية والأنظمة‏ ‏الإلكترونية‏ ‏في‏ ‏مساعدة‏ ‏ذوي‏ ‏الاحتياجات‏ ‏الخاصة‏، ‏لكي‏ ‏يعتمدوا‏ ‏على ‏أنفسهم‏ ‏ويصبحوا‏ ‏عناصر‏ ‏إيجابية‏، ‏كما‏ ‏يؤكد‏ ‏هذا‏ ‏النموذج‏ ‏على ‏وجود‏ ‏صناعة‏ ‏إلكترونية‏ ‏محلية‏ واعدة تحتاج‏ ‏إلى ‏تبني‏ ‏الدولة‏ ‏لها‏ ‏وتشجيعها.

يقول ‏‏المهندس‏ محمد‏ ‏عبد‏‏اللطيف‏ ‏أبو‏ ‏العزم‏ ‏العضو‏ ‏المنتدب‏ ‏للشركة‏ ‏صاحبة براءة‏ ‏اختراع هذا‏ ‏النظام‏ ‏إن‏ ‏هذا‏ ‏النظام‏ ‏الإلكتروني‏ يمكن‏ ‏تركيبه‏ ‏بكل‏ ‏سهولة‏ ‏في‏ ‏أماكن‏ ‏معيشة‏ ‏ذوي‏ ‏الاحتياجات‏ ‏الخاصة‏، ‏لمساعدتهم في ممارسة حياتهم بشكل طبيعي، والنظام يمكن التحكم فيه بوسائل‏ ‏تختلف‏ ‏حسب‏ ‏نوع‏ ‏الإعاقة‏، ‏فالكفيف‏ ‏مثلا‏ً ‏يستعمل‏ ‏الصوت‏ ‏في‏ ‏إعطاء‏ ‏الأوامر، أما الشخص الذي يعاني من إعاقة حركية‏ ‏يمكنه ‏‏أن‏ ‏يتعامل مع النظام عبر ‏الصوت‏ ‏أو‏ باستخدام ‏الريموت‏ ‏كنترول‏، ويتكون‏ النظام‏ من‏ ‏وحدات‏ ‏معينة‏ ‏تم‏ ‏التوصل‏ ‏إلى‏ ‏تصميمها‏ ‏عن‏ ‏طريق‏ ‏الهندسة‏ ‏العكسية‏ ‏وتصنيعها‏ ‏في‏ ‏مصر‏، ‏وهذه‏ ‏الوحدات‏ ‏يتم‏ ‏تركيبها‏ ‏عند‏ ‏مفاتيح‏ ‏الكهرباء‏ ‏الخاصة‏ ‏بجميع‏ ‏الأجهزة‏ ‏الموجودة‏ ‏في‏ ‏المكان، مثل‏ ‏قفل‏ ‏الباب‏ ‏الكهربائي‏ ‏ومفتاح‏ ‏التكييف‏، ‏وتتصل‏ ‏‏بجهاز‏ ‏كمبيوتر‏ ‏خادم‏ ‏مجهز‏ ‏ببرامج‏ ‏خاصة‏ ‏تقوم‏ ‏ببرمجتها‏ ‏وتشغيلها‏ ‏بالإضافة‏ ‏إلى‏ ‏وحدة‏ ‏استقبال‏ ‏خاصة‏ ‏للتحكم‏ ‏في‏ ‏جهاز‏ ‏الكمبيوتر‏، ‏وهذه‏ ‏الوحدة‏ ‏تعتمد‏ ‏في‏ ‏عملها‏ ‏على‏ ‏وحدات‏ ‏صوتية‏ ‏مثل‏ ‏الميكروفونات‏ ‏الحساسة‏ ‏التي‏ ‏يتم‏ ‏زراعتها‏ ‏في‏ ‏الأماكن‏ ‏المختلفة‏،‏ لتستقبل‏ ‏الأوامر‏ ‏من‏ ‏الشخص‏،‏ ‏بعد‏ ‏تشفير‏ ‏صوته‏ ‏على ‏جهاز‏ ‏الكمبيوتر‏، ‏لذلك‏ ‏فإن‏ ‏هذا‏ ‏النظام‏ ‏لا يعمل‏ ‏إلا‏ ‏مع‏ ‏الشخص‏ ‏الذي‏ ‏صنع‏ ‏له‏ ‏وتم‏ ‏برمجته‏ ‏على‏ ‏صوته‏، ‏كما‏ ‏تعمل‏ ‏وحدة‏ ‏الاستقبال‏ ‏المتصلة‏ ‏بالكمبيوتر‏ ‏من‏ ‏خلال‏ ‏استخدام‏ ‏الريموت‏ ‏كنترول‏ ‏أو‏ آلة الرد على المكالمات التليفونية.

عمل‏ ‏النظام

بمجرد‏ ‏أن‏ ‏ينطق‏ ‏الشخص‏ ‏باسم‏ ‏الجهاز‏ ‏المراد‏ ‏تشغيله، ‏تلتقطه ‏السماعة‏ ‏لتوصيلها‏ ‏إلى ‏وحدة‏ ‏الاستقبال‏ ‏التي‏ ‏تقوم‏ ‏بتشفير‏ ‏الكلام‏ ‏إلى‏ ‏أرقام‏ ‏موجودة‏ ‏على ‏جهاز‏ ‏الكمبيوتر‏، ‏لأن‏ ‏لكل‏ ‏جهاز‏ ‏في‏ ‏المكان‏ ‏رقماً‏ ‏معيناً‏، ‏وعن‏ ‏طريق ‏الرقم‏ ‏الذي‏ ‏يحدد‏ ‏الجهاز‏ ‏المراد‏ ‏فتحه، يقوم‏ ‏الكمبيوتر‏ ‏بإصدار‏ ‏الأمر‏ ‏إلى‏ ‏الوحدة‏ ‏التي‏ ‏تحمل‏ ‏هذا‏ ‏الرقم‏ ‏والموجودة‏ ‏بجوار‏ ‏مفتاح‏ ‏الكهرباء، الذي‏ ‏يفتح‏ ‏أو‏ ‏يغلق‏ ‏الطاقة‏ ‏الكهربائية‏ ‏الداخلة‏ ‏إلى‏ ‏هذا‏ ‏الجهاز‏ ‏فيعمل‏ ‏أو‏ ‏يغلق‏، ‏وبالطريقة نفسها‏ يعمل‏ ‏الريموت‏ ‏والذي‏ ‏يعتبر‏ ‏أسهل‏ ‏في‏ ‏استخدامه‏ ‏عن‏ ‏الصوت‏، ‏لأن‏ ‏كل‏ ‏زر ‏به‏ ‏يحمل‏ ‏رقم‏ ‏الجهاز‏، ‏بالإضافة‏ ‏إلى ‏أنه‏ ‏يستطيع‏ ‏التغلب‏ ‏على‏ ‏مشكلة‏ ‏تغيير‏ ‏الصوت‏ ‏عندما‏ ‏يتعرض‏ ‏الشخص‏ ‏للمرض‏.

أما‏ ‏طريقة‏ ‏التحكم‏ ‏في‏ ‏هذا‏ ‏النظام‏ ‏عن‏ ‏طريق‏ ‏التليفون‏ ‏فتختلف -كما يقول‏ ‏المهندس محمد‏ ‏عبد‏ ‏اللطيف‏-‏‏ ‏عن‏ ‏الطريقتين‏ ‏السابقتين‏، ‏فعلى سبيل‏ المثال‏ ‏إذا كان أحد الأشخاص‏ ‏في مكان‏ ‏عمله، وجاءه خبر بأن هناك أحد الأفراد يريد‏ ‏أن‏ ‏يفتح‏ ‏له باب‏ ‏الشقة‏ أو‏ ‏يريد‏ ‏أن‏ ‏يعمل ‏التكييف‏ ‏أو‏ ‏السخان‏ ‏قبل‏ ‏وصوله‏ ‏فيقوم‏ ‏بالاتصال‏ ‏بالتليفون‏ ‏العادي‏ ‏فترد‏ ‏عليه‏ آلة الرد، وبعد‏ ‏أن‏ ‏يعطيه‏ ‏الصفارة‏ ‏يقوم‏ ‏الشخص‏ ‏بإدخال‏ ‏أرقام‏ ‏سرية‏ ‏معينة‏ ‏عن‏ ‏طريق‏ ‏مفاتيح‏ ‏التليفون‏، لتقوم آلة الرد‏ ‏بتأدية مهامها عن‏ ‏طريق‏ ‏تشفير‏ ‏تلك البيانات‏ ‏وإرسالها‏ ‏إلى ‏وحدة‏ ‏الاستقبال‏، ‏ليقوم‏ ‏بعد‏ ‏ذلك‏ ‏الكمبيوتر‏ ‏بإصدار‏ ‏الأوامر‏ ‏بفتح‏ ‏الجهاز‏ ‏المراد تشغيله.

تخفيض‏ ‏الأسعار

عن‏ ‏أسعار‏ ‏هذا‏ ‏النظام‏ ‏وعدم‏ ملاءمته‏ ‏مع‏ ‏المستويات‏ ‏الاجتماعية‏ ‏المختلفة‏ ‏لذوي‏ ‏الاحتياجات‏ ‏يقول‏ ‏محمد‏ ‏الشرقاوي‏ ‏رئيس‏ ‏مجلس‏ ‏إدارة‏ الشركة‏ ‏صاحبة‏ ‏النظام‏ ‏الإلكتروني‏ ‏بأن‏ ‏تصنيع‏ ‏هذا‏ ‏النظام‏ ‏في‏ ‏مصر‏ ‏بأقسامه‏ ‏الثلاثة‏ (‏البرمجيات‏ ‏ - ‏أجهزة‏ ‏التحكم‏ - ‏الكمبيوتر‏ ‏الخادم‏) ‏أدى ‏إلى‏ ‏الوصول‏ ‏بسعر‏ ‏هذا‏ ‏النظام‏ ‏إلى‏ ‏حوالي‏ 30% ‏من‏ ‏سعره‏ ‏بالخارج‏، الأمر الذي يجعل من السهل انتشاره واستخدامه من قبل فئات أوسع، ويضيف: ‏نأمل‏ ‏في‏ ‏المستقبل‏ ‏وبعد‏ ‏الانتهاء‏ ‏من‏ ‏إجراء‏ ‏الاتفاقيات‏ ‏الخاصة‏ ‏مع‏ ‏بعض‏ ‏المصانع‏ ‏الإلكترونية‏ ‏لتصنيع‏ ‏أجهزة‏ ‏التحكم‏ ‏بها‏ ‏أن‏ ‏نصل‏ ‏إلى‏ ‏تخفيض‏ ‏التكلفة‏ ‏وبالتالي‏ ‏الأسعار، ولأن‏ ‏ذوي‏ ‏الاحتياجات‏ ‏الخاصة‏ ‏هم‏ ‏مسؤولية‏ ‏الحكومة‏ ‏فإن‏ ‏دعم‏ ‏هذا‏ ‏النظام‏ ‏من‏ ‏خلال‏ ‏تصنيعه‏ ‏داخل‏ ‏المصانع‏ ‏الحكومية‏ ‏سيؤدي‏ ‏حتماً‏ ‏إلى‏ ‏انتشار‏ ‏هذا‏ ‏النظام‏ ‏داخل‏ ‏أماكن‏ ‏تواجدهم‏ ‏سواء‏ ‏كانت‏ ‏شققاً‏ ‏أو‏ ‏معاهد‏ ‏أو‏ ‏ملاجئ‏ ‏أو‏ ‏غيرها‏ ‏من‏ ‏الأماكن.

سياحة‏ ‏المعاقين

ويقول‏ ‏المهندس‏ ‏فؤاد‏ ‏الماظ‏ ‏مدير‏ ‏المبيعات‏ ‏والتسويق‏ ‏بأن‏ ‏الشركة‏ ‏قامت‏ ‏بعرض‏ ‏هذا‏ ‏النظام‏ ‏على‏ ‏كثير‏ ‏من‏ ‏الأماكن‏ ‏السياحية‏ ‏سواء‏ ‏كانت‏ ‏فنادق‏ ‏أو‏ ‏قرى‏ ‏سياحية‏ ‏وخاصة‏ ‏في‏ ‏أماكن‏ ‏سياحة‏ ‏الاستشفاء‏ ‏التي‏ ‏يأتي‏ ‏إليها‏ ‏الكثير‏ ‏من‏ ‏السياح‏ ‏المعاقين‏، ‏لأنه‏ ‏لا يوجد‏ ‏في‏ ‏مصر‏ ‏حتى‏ ‏الآن‏ ‏مكان‏ ‏مجهز‏ ‏للمعاقين‏ ‏مما‏ ‏يسبب‏ ‏المشاكل‏ ‏والمعوقات‏ ‏الكثيرة‏ ‏أمام‏ ‏حضور‏ ‏ذوي‏ ‏الاحتياجات‏ ‏الخاصة‏ ‏إلى‏ ‏مصر‏ ‏واتجاههم‏ ‏إلى ‏الدول‏ ‏التي‏ ‏توفر‏ ‏لهم‏ ‏مثل‏ ‏هذه‏ ‏الأنظمة‏ ‏التي‏ ‏تسهل‏ ‏استمتاعهم‏ ‏بها‏ ‏وبذلك‏ ‏تفقد‏ ‏مصر‏ ‏الكثير‏ ‏من‏ ‏دخل‏ ‏هؤلاء‏ ‏السياح.

صورة أخرى

في‏ ‏التجمع‏ ‏الخامس‏ ‏وبالتحديد‏ ‏في‏ ‏مدرسة‏ ‏ايفركير‏ ‏للتربية‏ ‏الخاصة‏، ‏وجدت‏ ‏مصطفى‏ ‏طفل‏ ‏في‏ ‏العاشرة‏ ‏من‏ ‏عمره‏، يجلس‏ ‏أمام‏ ‏جهاز‏ ‏الكمبيوتر‏ ‏والدهشة‏ ‏تظهر‏ ‏على‏ ‏وجهه‏ ‏يعلم‏ ‏جيداً‏ ‏ما يكتب‏ ‏على‏ ‏جهاز‏ ‏الكمبيوتر‏، وبجواره‏ ‏جلست‏ ‏مدرسة‏ ‏الكمبيوتر‏ ‏المتخصصة‏ ‏في‏ ‏كيفية‏ ‏استخدام‏ ‏الوسائل‏ ‏التكنولوجية‏ ‏المساعدة‏ ‏لتعليم‏ ‏الكمبيوتر‏، تفاحة‏ ‏يعني‏ ‏حرف‏ ‏ت‏، موزة‏ ‏يعني‏ ‏حرف‏ ‏م‏.

كانت‏ ‏المدرسة‏ ‏تشير‏ ‏لمصطفى ‏على‏ ‏لوحة‏ ‏المفاتيح‏ ‏ذات‏ ‏الحجم‏ ‏الكبير‏ ‏المغطاة‏ ‏بسطح‏ ‏غشائي‏ ‏رقيق‏ ‏مرسوم‏ ‏عليه‏ ‏أشكال‏ ‏كثيرة‏ ‏للحيوانات‏ ‏والفواكه‏ ‏والأرقام‏، ‏بحيث‏ ‏يعبر‏ ‏كل‏ ‏شكل‏ ‏أو‏ ‏رقم‏ ‏عن‏ ‏مفتاح‏ ‏معين‏ ‏يكتب‏ ‏على ‏الكمبيوتر‏ ‏حرفا‏ ‏أو‏ ‏رقما‏ ‏أو‏ ‏صورة‏ ‏أو ‏صوتا‏، ‏يعرفها‏ ‏مصطفى ‏ويضحك‏ ‏لها، أما‏ ‏فاطمة‏ ‏ومحمود‏ ‏وبقية‏ ‏التلاميذ‏ ‏يجلسون‏ ‏حولهم‏ ‏ينظرون‏ ‏ماذا‏ ‏يفعل‏ ‏مصطفى، البعض‏ ‏منهم‏ ‏ذكي‏ ‏ويفهم‏ ‏كل‏ ‏شيء‏، ‏ولكنه‏ ‏لا يستطيع‏ ‏أن‏ ‏يتعامل‏ ‏مع‏ ‏جهاز‏ ‏الكمبيوتر‏، ‏لأن‏ ‏إعاقته‏ ‏حركية‏ ‏ولا يتحرك‏ ‏منه‏ ‏إلا‏ ‏أجزاء‏ ‏معينة‏ ‏من‏ ‏جسمه،‏ ‏مثل‏ ‏رأسه‏ ‏أو‏ ‏فمه‏ ‏ولكن‏ ‏لا توجد‏ ‏أدوات‏ ‏مساعده‏ ‏لهم‏ ‏تسهل‏ ‏تدريبهم‏ ‏وتأهيلهم‏ ‏على‏ ‏أجهزة‏ ‏الكمبيوتر.

وحول ‏‏وجود‏ ‏بعض‏ ‏الأدوات‏ ‏المساعدة‏ ‏التي‏ ‏تتناسب‏ ‏مع‏ ‏بعض‏ ‏أنواع‏ ‏الإعاقات‏ ‏وعدم‏ ‏وجود‏ ‏الكثير‏ ‏من‏ ‏الأدوات‏ ‏المساعدة‏ ‏في‏ ‏المدرسة‏ ‏تقول الدكتورة ‏هالة‏ ‏فؤاد‏ ‏مديرة‏ ‏المدرسة‏:‏ ‏لا نزال‏ ‏بعيدين‏ ‏كل‏ ‏البعد‏ ‏عن‏ ‏الاستفادة‏ ‏من‏ ‏تلك‏ ‏الوسائل‏ ‏الخاصة‏ ‏واستغلالها‏ ‏في‏ ‏تأهيل‏ الأطفال‏ ‏ذوي‏ ‏الاحتياجات‏ ‏الخاصة،‏ ‏وذلك‏ ‏إما‏ ‏لعدم‏ ‏الاهتمام‏ ‏من‏ ‏الدولة‏ ‏بالقدر الكافي ‏لهؤلاء‏ ‏الأطفال‏، ‏أو‏ ‏عدم‏ ‏الوعي‏ ‏من‏ ‏جانب‏ ‏الأهل بأهمية‏ ‏تدريب‏ ‏وتأهيل‏ ‏الأطفال‏، ‏فعلى‏ ‏سبيل‏ ‏المثال‏ ‏هناك‏ ‏أعداد‏ ‏كثيرة‏ ‏خارج‏ ‏الإحصائيات‏، ‏لأطفال‏ ‏وشباب‏ ‏يعانون‏ ‏إعاقات‏ ‏مختلفة‏ ‏في‏ ‏قرى ‏مصر‏، ‏يتم‏ ‏التعامل‏ ‏معهم‏ على أنهم مهمشون‏ ‏في‏ ‏الحياة‏، و‏‏هناك‏ ‏الكثير‏ ‏من‏ ‏العائلات‏ ‏لا تعترف‏ ‏بوجود‏ ‏أطفال‏ ‏معوقين‏ ‏لديهم‏ ‏خوف ‏من‏ ‏نظرة‏ ‏المجتمع‏ ‏لهم‏ ‏وغيرها‏ ‏من‏ ‏النماذج‏ ‏فما‏ ‏بالنا‏ ‏إذا‏ ‏استخدمنا‏ ‏أدوات‏ ‏مساعدة‏ ‏من‏ ‏أجل‏ ‏مساعدة‏ ‏هؤلاء‏ ‏الأطفال‏ ‏في‏ ‏الدخول‏ ‏إلى‏ ‏عصر‏ ‏المعلومات‏؟ ‏طبعا سترتفع‏ ‏تكلفة‏ ‏رعاية‏ ‏الطفل‏ ‏لأنه‏ ‏يحتاج‏ ‏إلى ‏رعاية‏ ‏خاصة‏ ‏وإفراد‏ ‏مدربين‏ ‏في‏ ‏الغالب‏ ‏أجورهم‏ ‏مرتفعة‏ ‏بالإضافة‏ ‏إلى ‏تلك‏ ‏المعدات، والنتيجة‏ ‏سوف‏ ‏تكون‏ إحجاماً ‏أكثر‏ ‏من‏ ‏أولياء‏ ‏الأمور‏ ‏في‏ ‏تأهيل‏ ‏أطفالهم.

وتضيف أنه ‏مع‏ ‏دخول‏ ‏مصر‏ ‏مشروع‏ ‏النهضة‏ ‏التكنولوجية‏ ‏انتظرنا‏ ‏مشروعاً ‏آخر‏ ‏للنهوض بهذه الفئة اعتمادا على تكنولوجيا المعلومات، ولكن لم يحدث، ولعله من المفيد أن يتعاون رجال الأعمال مع الدولة في دعم هؤلاء، خاصة أن عدد ذوي الاحتياجات الخاصة والمعاقين في مصر يقترب من خمسة ملايين مواطن، يمكن من خلال تكنولوجيا‏ ‏المعلومات‏ ‏والحاسبات‏ ‏والإلكترونيات إدماج عدد كبير منهم في المجتمع مرة أخرى، وإذا ما تم تصميم مشروع قومي في هذا الصدد، فهو بالتبعية سينعش صناعات البرمجيات والحاسبات والإلكترونيات العاملة في مجال مساعدة المعاقين، خاصة وأن هذا القطاع من الصناعة حقق نتائج جيدة، سواء في مجال الهندسة العكسية أو جودة كفاءة النظم المنتجة أو الوصول بأسعارها إلى مستويات منخفضة ومنافسة تناسب قدرات المواطن العادي. فمتي‏ ‏نسمع‏‏ عن مشروع‏ خاص‏ ‏بذوي‏ ‏الاحتياجات‏ ‏الخاصة‏ ‏في‏ ‏عصر‏ ‏المعلومات؟